الجسم السليم هو ناتج العقل السليم
من المقولات الشائعة في صحة الجسم وسلامته هي مقولة "العقل السليم في الجسم السليم"!، تلك المقولة التي نشأنا عليها منذ الصغر والتي هي في الأغلب غير مدركة بشكل علمي واضح! ... لذا فإنّ تلك المقولة قد قلبت المفهوم الحقيقي للصحة الجسديّة من تلك المعنيّة بانعكاس سلامة الروح والعقل على فسيولوجيّة الجسم بالصحة، إلى المقولة المقلوبة المعنيّة بانعكاس صحة الجسد على سلامة العقل مع فصل الروح عن تلك الصحة والسلامة!،
من المقولات الشائعة في صحة الجسم وسلامته هي مقولة "العقل السليم في الجسم السليم"!، تلك المقولة التي نشأنا عليها منذ الصغر والتي هي في الأغلب غير مدركة بشكل علمي واضح! ... لذا فإنّ تلك المقولة قد قلبت المفهوم الحقيقي للصحة الجسديّة من تلك المعنيّة بانعكاس سلامة الروح والعقل على فسيولوجيّة الجسم بالصحة، إلى المقولة المقلوبة المعنيّة بانعكاس صحة الجسد على سلامة العقل مع فصل الروح عن تلك الصحة والسلامة!، فكما يظهر من المقولة المقلوبة فإنّ الروح لها مفهوم ليس له علاقة بالجسد، والعقل ما هو إلاّ تابع للجسد! وهكذا دواليك من مفاهيم ومعلومات منفصلة عن بعضها البعض، يتبنّاها أغلب البشر بما يمارسون في مضمارهم المحدود بمحدودية نظرتهم إلى أنفسهم، مما خلق ركاكة وضعف في اتصال البشرية بشكل حقيقي ومتكامل ينتج عنه النمو والتطوّر الإنساني على جميع الأصعدة، ولما لا ونحن في عالم يعيش فيه كل كائن بشري بشكل منفصل عن ذاته، تلك الذات التي هي روحه المبدعة لأنها من نفخ الخالق عز وجل، ابتداءا من أول إنسان مجسّد للإنسانية الحقه على الأرض، أبينا آدم عليه السلام.
لقد أثبتت مقولة "العقل السليم في الجسم
السليم" فشلها في تحقيق الصحّة التكامليّة للإنسان، التي تتجلّى في خلو جسمه
من الأمراض المزمنة من داء السكّري و شريان القلب التاجي و السرطان و إختلال
الغدّة الدرقيّة و الصداع النصفي و الربو و القرحة المعديّة و الزهايمر، و العديد العديد
من الأمراض التي بحد ذاتها دلائل على عدم
سعادة و الإتزان الذاتي الذي يتحقق فقط بممارسة الإنسان رسالته في التعمير و التي
هي رسالة ضمنيّة و بما في ذلك من توجيه عقله لتفعيل تلك الرسالة الوجوديّة بعيدا
عن مشتتّات، و آلام العقل المربوطة بشريط برمجته في الست سنوات الأولى من عمره،
فرسالة التعمير الوجوديّة هي البوصلة التي تحدّد موقع كل إنسان في المجتمع
الإنساني ليكون منطلقا باتّجاه المستقبل فيما يبدع فيه و يبتكر سواء كان في مجال
العلم أو الهندسة أو القانون أو الأدب أو الفن أو الطبخ أو الصناعة أو
التكنولوجيا، و ما إلى ذلك من جميع مجالات القيم الإنسانية، بعيدا عن العيش بتكرار
الماضي و تقليد صنع و إنتاج الآخرين! لقد أثبتت مقولة "العقل السليم في الجسم
السليم" فشلها في تحقيق الصحة التكامليّة للإنسان، فكم من بشري قد اتبع نمط الحياة الصحيّة المتعارف عليه من
تناول غذاء صحّي متوازن بعيدا عن السكر الأبيض والطعام المصنّع واللحوم الحمراء
والدهون والشحوم، ومارس الرياضة بشكل شبه يومي، ونام مبكّرا بعيدا عن هاتفه
الجوّال، و سكن بعيدا عن الملوّثات والإشعاع، وبالنتيجة قد أصيب بسكتة قلبيّة وهو
نائم مثلا، رغم إتباعه إرشادات المتخصصين في غذاء وصحة الإنسان! ذلك لأنّ حقيقة
الصحّة أعمق من ذلك النظام الصحي، أعمق من إعطاء الجسد مواد وعناصر البقاء من
الغذاء، وأعمق من تفعيل دوران الدم في أوعيتها بتشغيل مضخّة القلب! إنّ حقيقة
الصحّة تكمن في اتساق طاقة قلب الإنسان الذي هو مركز حياته مع طاقة الكون
الامرئيّة المحيطة به، و من ثم إتساق القلب مع العقل الممثّل بالدماغ المفعّل على
هذا النسق، حيث أنّ القلب هو الوسيط الجوهري لذلك الإتساق بين الكون و العقل لأنه
مكمن القيمة العليا الذاتيّة للإنسان، أي أولويّة أوليات كل إنسان، و التي بها
يكون مستقبله المضئ بأثره الصالح و بها إنسانيّته المتكاملة مع الآخرين، و بها
سعادته و سلامة عقله الملئ بالأفكار المتوازنة بين التحدّي و الإنجاز، أي السلب و
الإيجاب، التي تنعكس على جسده بتوازن أداء أجهزته الحيوية و إتساق وظائفها
المفعّلة لصحة و سلامة الجسم، بعدها يتحقق تناول الغداء الصحي المتوازن و اتباع
إرشادات النظام الصحي بشكل تلقائي بلا جهد و إجبار، بل بالحب العفوي لأنه وفق قيمة
الإنسان الوجودية أولا، فهي منصة الحياة لكل إنسان، بل هي الحياة التي تفعّل
المزيد من الحياة فيطول العمر الزمني للإنسان و خلوده بترك الأثر الصالح للحياة، و
ذلك هو مفتاح إكسير الحياة، الذي هو بحث الإنسان منذ القدم، دعوة إلى التأمل في
الذات ...