الخوف من المجهول

article image

أصبح البشر يعيشون مشاعر وانفعالات بديهية لا تقبل التساؤل ولا تسمح بالاستنكار، وكأنما تلك المشاعر المتطرفة سواء بخوف أو حزن أو فرح أو قلق هي جزء من طبيعتهم الفطرية وصفاتهم الفلكية! والحقيقة أن البشر قد اعتادوا على تلك المشاعر فأصبحوا يعيشونها بشكل طبيعي ...

الدكتورة ندى أحمد الحساوي

30-أكتوبر-2020

أصبح البشر يعيشون مشاعر وانفعالات بديهية لا تقبل التساؤل ولا تسمح بالاستنكار، وكأنما تلك المشاعر المتطرفة سواء بخوف أو حزن أو فرح أو قلق هي جزء من طبيعتهم الفطرية وصفاتهم الفلكية! والحقيقة أن البشر قد اعتادوا على تلك المشاعر فأصبحوا يعيشونها بشكل طبيعي، ذلك لأن تلك المشاعر مفعّلة بمسارات عصبية دماغية ضمن برمجة عقلية، كأن تكون هناك فكرة مختزنة تثير مشاعر مختزنة، نقول مختزنة، أي خبرة سابقة مبرمجة سابقا من المحيط، أو بفعل الإنسان ذاته من منطلق تجاربه واسقاطاته على نفسه من تلك التجارب. تكون برمجة العقل بشكل أوّلي في فترة التكوّن الجنيني حيث يختزن الجنين المشاعر التي تصله من الأم التي بدورها تستجيب لأفكارها أو لما يحيط بها بتلك المشاعر وبشكل غير واعي، بما في ذلك من هرمونات التوتّر وإشارات بيولوجية متحفّزة من تلك الأفكار. وبعد ولادة ذلك الجنين، يتابع المحيط برمجته والتي تنطبع بشكل واضح وأساسي في الست السنين الأولى من عمره، لتستمر على سنين ممتدّة من المدرسة والثقافة والمجتمع، وكذلك ما تملي عليه ارادته الاواعية من برمجة مستنتجة من تجاربه المتخبّطة هنا وهناك.  

والحقيقة أن العصر المقبل لا يقبل ذلك المستوى اللاواعي من العيش تحت وطأة البرمجة المحبطة المسلّم بها، لأن الجزء الأكبر من تلك البرمجة هو سجن للعقل وهو مرض وعجز يدمر الإنسان والإنسانية المحبّة المتكاملة، وكذلك فإنّ البشري في ذلك المستوى يكون مشتّت، وبعيد عن دوره في التعمير ومسؤوليته المترتبة في تطوّر الإنسانية، وكذلك مدمّرا لنفسه ولجسده عن طريق الافراز المزمن لهرمون التوتّر الإبينفرين المنشئ للمرض فعضو ما بحسب المشاعر الصادرة عن أفكاره المشوّهة. نحن الآن في زمن الكورونا عاكفين في الحجر المنزلي، نفعل ما نفعل ونعمل بما نعمل عليه، الكثير منّا ير أنها مسألة وقت حيث يبدأ بعدها بالخروج من الحجر للمرح والتجوّل والسفر !، وكذلك فإنّ الكثير منا عنده الخوف والقلق بما سيحدث له ولأسرته وللعالم بعد ذلك الحجر الغير مسبوق بكيفيته وحيثياته! للخروج من تلك المعضلة، يحتاج الإنسان أن يكون فكره متيقّظ، أن يكون حكيما مفعّلا لعبقريته، أن يكون واعيا، أن يكون إنسانا مكرّما كما أوجده الله جلّ وعلا، لا أن يكون فرحا مرحا، ولا أن يكون خائفا متوجسا من المستقبل، الذي هو في حقيقة الأمر لحظة آنية عليه اغتنامها وصناعة الفرق الآن بالقيمة العليا الذاتية، دعوة إلى التأمل في الذات...

اضافة تعليق

: