مخرجات التعليم في خطر
وقد ثبت ذلك خلال العقود السابقة ... فمخرجات التعليم في خطر لأنّ ببساطة لم يتم حصاد ما تمّ حرثه في الهيئات والمنشآت التعليمية بنفس النسبة أو على الأقل قريبا منها، فإذا ما فرضنا أنّ الحرث في الأجيال التي سبقتنا منذ الولادة أي التنشئة، إلى التخرّج من الجامعة أو ما يشابهها والانخراط في سلك العمل في الحكومات والمؤسسات الخاصة هو بنسبة 100 %، فإنّ ما تمّ حصاده من إنتاجية تلك الأجيال هو 40 % افتراضا وعلى وجه التفاؤل!
وبهذا، فإنه بالإضافة إلى استنزاف موارد الدولة الماديّة والبشريّة في عملية الحرث التعليمي والتي من المفترض أن تكون مخرجاتها على الأقل 90 إلى 95 %، فإنّ هناك نظرة شمولية لهؤلاء الأفراد الناتجين من محصلة تلك العملية الطويلة التي تأخذ قرابة 25 سنة مثلا إن كان الفرد الناتج طبيب عام! من تنشئته الأسرية إلى جلوسه في عيادة مستوصف أو مستشفى فور تخرجه!، وتلك النظرة الشمولية هي في مدى إبداع وسعادة ذلك الفرد المنتج، وبالتالي انعكاس ذلك على صحته التكاملية النفسية والجسدية، وتوازن حياته على جميع الأصعدة، ورفاهيته وشبابه المتجدّد.
ولنا في ذلك حديث تفسيري علمي عميق، وماذا الذي يجعلنا لا نسمح لأنفسنا بالتبصر في عمق ذلك الأمر الذي هو أصل بناء المجتمعات، والذي فيه بناء الأفراد المكوّنين للمجتمعات! فمستوى الوعي الذي يصل إليه السابقين في المجتمع ينعكس على اللاحقين في نفس المجتمع، ذلك الوعي الذي هو في الوقت الراهن على شكل دائري، والمفترض أن يكون على شكل حلزوني استعدادا للمرحلة المقبلة من طور أعمق وأرقي من التطوّر الجسدي البشري والبرمجي، إلى التطوّر الفكري الإنساني الذاتي الذي يميّر كل فرد مبتكر في مجاله الذي خلق من أجل التعمير فيه، لا التعمير في مجالات الآخرين بالبرمجة والعمل الجبري دون إدراك من الفرد، ودون إدراك من الآخرين المشاركين والمبتلين في نفس الدائرة!
فمخرجات التعليم في خطر، لأنه مازال قائما على برمجة التلقين في المواد الموضوعة على الطاولة والتي من المفترض أن يفقه فيها جميع الطلبة!، ومخرجات التعليم في خطر لأننا ما زلنا لا ندرك ماهية الإلهام وتكوينة العقل كوعاء أفكار ليس إلاّ!، ومخرجات التعليم في خطر لأننا ما زلنا نبحث عن الحلول في الخارج وهي كامنة في دواخلنا العميقة! وأخيرا، مخرجات التعليم في خطر لأننا نعيش في تنافس مع الآخرين فيما يبدعون فيه فأصبحنا نتسابق مع الزمن، ولا ندرك أننا إن اكتشفنا ما نبدع نحن فيه يصبح الزمن لا زمن، لأننا ننطلق في بعد التجلّي!
لا لوم في أنّ ما نحن فيه من مخرجات تعليم في خطر، و لكن يقع اللوم عندما يعي من تكمن في داخله قيمة التعليم المحب، بأنّ تلك المخرجات مهدّدة بفناء البشرية بتدمير أكبر و أشمل ابتداء من الأرواح التي فيها القيم العليا الذاتيّة أي قيم الحياة، التي على أبناءنا اكتشافها من الآن، و على القائمين على المناهج و طرق التدريس أن يغيّروها على أساس القيم العليا، و القائمين على القبول في الجامعات و المعاهد التنبّه لمقياس القبول الحقيقي القائم على القيم العليا بعدما أثبتت امتحانات القدرات و الدرجات و عدد المقاعد فشلها، ذلك الذي بدوره ينعكس على الجسد بتوازنه الداخلي و خلوّه من الضغط العصبي المزمن، و الذي هو آفة المجتمعات لعدم إدراك أفراده بغاية وجودهم و أهدافهم السامية، ذلك بسبب عدم ادراك من قام على تنشئتهم من أولياء الأمور و مربين و من علمهم من معلمين و قائمين على التعليم، عدم إدراكهم بقيمة الفرد المجتمعية و الإنسانيّة، لأنهم لم يدركوا بقيمهم العليا أولا! دعوة الى التبصر في ذواتنا وفي أبناء المستقبل الأعزاء ...